المغالاة في الخصومة
المغالاة في الخصومة
مما أفادتني تجارب الزمان أن لا ينبغي لأحد أن يظاهر بالعداوة أحداً ما استطاع ، فإنه ربما يحتاج إليه مهما كانت منزلته ، وإن الإنسان ربما لا يظن الحاجة إل مثله يوماً ما كما لا يحتاج إلى عٌويد منبوذ لا يلتفت إليه ، لكن كم من محتقر اُجتيج إليه فإذا لم تقع الحاجة إلى ذلك الشخص في جلب نفع وقعت الحاجة في دفع ضر .
ولقد احتجت في عمر إلى ملاطفة أقوام ما خطر لي قط وقوع الحاجة إلى التلطف بهم ، واعلم أن المظاهرة بالعدواة قد تجلب أذى من حيث لا يعلم ، لأن المظاهر بالعداوة كشاهر السيف ينتظر مضربا، وقد يلوح منه مضرب خفي ، وإن اجتهد المتدرع في ستر نفسه فيغتنمه ذلك العدو ، فينبغي لمن عاش في الدنيا أن يجتهد في ألا يظاهر بالعدواة أحدا لما بينت من وقوع احتياج الخلق بعضهم إلى بعض وإقدار بعضهم على ضرر بعض ، وهذا فصل مفيد تبين فائدته للإنسان مع تقلب الزمان
صيد الخاطر – الإمام ابن الجوزي رحمه الله